الاثنين، 10 سبتمبر 2012

الألعاب التعليمية / أشواق بندر

الألعاب التعليمية أكثر من مدرسة

غزت العقول في المهد ووثقت عرى التعليم المبكر

جدة: أشواق بندر


يحرص الآباء والأمهات في السعودية على البدء بالتعليم المبكر لأبنائهم من المنزل، ممن هم دون سن المدرسة، وذلك بتنمية النواحي الدينية بتحفيظ سور القرآن الكريم القصيرة، وتعليم الطفل بعض الأخلاق الإسلامية كإفشاء السلام، وتناول الطعام باليد اليمنى، والناحية الاجتماعية في تلقينه الكلمات اللبقة في التعامل باللغة العربية وبالإنجليزية أحيانا.
ويبدأ التعليم المبكر للطفل عادة عن طريق الألعاب التي تعد الوسيلة الأولى التي يلهو بها، ويتفاعل معها الطفل منذ ولادته، واعتبرت وسيلة تعليمية عند تطعيمها بأفكار وأهداف يراد منها إكساب الطفل مهارات معينة. يقول محمد السعيد صاحب مؤسسة «عالم المواهب» للألعاب التعليمية، لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الألعاب التعليمية تسهم بشكل مهم في صقل مهارات الطفل منذ ولادته، إذ إن لكل لعبة تعليمية هدفا تعزز من خلاله مهارات معينة للطفل، فنجد بعض الألعاب التي تعتمد على الأصوات وأخرى على النظر وقوة الملاحظة، أو تلك الألعاب التي تعتمد على تنمية المهارات الحركية، فهي ترفع مستوى أداء حواس الطفل حينما تستخدم بطريقة صحيحة».

ويشير السعيد إلى أهمية معرفة الهدف التعليمي للعبة، فبعض الألعاب التعليمية يتعرف الطفل من خلالها على الأشكال الهندسية أو الألوان، وبعضها ينمي لديه عملية فتل اليدين أو التسلسل أو الربط بين الأشياء، أو تلك الألعاب التي تعتمد على التآزر البصري الحركي (القدرة على السيطرة على حركة اليد) كألعاب الطرق والتطابق وغيرها، بحيث تضمن أن الطفل تعلم مهارات مهمة في سن مبكرة وقبل دخوله المدرسة بطريقة ممتعة وجذابة.

ونبع اهتمام الخطاط الدولي عبد الله عبد الرزاق الصانع من خلال خبرته الممتدة لأكثر من خمسة وعشرين عاما كخطاط، لتعليم الخط العربي للأطفال فابتكر الطريقة الهندسية التي تعلم الطفل الأمي أو من لم يتعلم الكتابة بالخط العربي، رسم الحروف العربية في سن مبكرة من خلال الاستفادة من الأشكال الهندسية المعروفة، لتعليم رسم الحروف وانحناءاتها من الألف إلى الياء. وذكر الصانع في حديثه مع «الشرق الأوسط» أنه بعد ظهور الكومبيوتر فإن معاناة الأبناء في السعودية خاصة والعالم العربي عامة ازدادت من الإهمال في الكتابة، لكون الطفل أصبح مغرما بجهازه اللوحي ولا يفارقه، الأمر الذي يترتب عليه عواقب وخيمة جراء هذا الإهمال.

من جانب آخر، يعكف الخبراء والتربويون على إعداد كتيبات وقصص مصغرة، جاذبة للأطفال الصغار منذ سن الإدراك وحتى سن الحضانة والدخول للمدرسة، حيث تشمل الكتب قصصا مصورة ورسومات بألوان تشد انتباه الطفل، من خلال قراءة المربي للقصة بصورة مشوقة ومحببة لنفس الطفل حتى يبدأ في التعلم من سن مبكرة.

ناهد الشوا، كاتبة ومؤسسة دار «نون» للنشر، ذكرت أنه يمكن البدء بالقراءة للطفل من عمر الأشهر الستة الأولى، حيث تضعه أمه في حضنها ممسكة بالكتاب بين يدي طفلها، وتبدأ تروي له معاني الصور في الكتاب، فالقراءة ليست فعل تهج للأحرف فقط بل هي فعل شمولي لاستيعاب المعاني والمفاهيم من خلال الصور والكلمة المقروءة، وهذا نشاط استكشافي مفيد للطفل يبلور نظرته للعالم حوله، محاولا أن يستشف المعنى، وبذلك تنمو علاقة وطيدة ومؤثرة بين الطفل والكتاب منذ نعومة أظافره.

وذكرت الكاتبة الشوا أن الكتب لا غنى عنها كوسيلة تعليمية، بصورة ورقية أو إلكترونية، ما دام يقدم رسالة هادفة، فالكتاب هو الكتاب سواء بشكله الورقي أو الإلكتروني، وذكرت أن الإشكالية الآن هي عدم توفر كتاب إلكتروني جاذب للطفل والأهالي لكون صناعة تأليف كتاب الطفل العربي الإلكتروني الجاذب ما زالت تخطو أولى خطواتها في السعودية وفي العالم العربي عموما ولم يتم الاستثمار فيها، ومن ناحية أخرى انعدام الاهتمام بالجانب التسويقي للكتاب الورقي، في حين أنه في الغرب يذهب الأهالي للمكتبات وهم على علم ودراية ولديهم فكرة مسبقة عن الكتاب الذي ينوون شراءه.

وعن كتب الأطفال، أشارت الشوا إلى أن الطفل يجذبه الكتاب من غلافه وتصاميمه وألوانه ومحتواه التشويقي أيضا، والمربي في السعودية يهتم بشكل أساسي بالنواحي التربوية والسلوكية، والقيم والمفاهيم التي يريد إيصالها للطفل من خلال محتوى الكتاب، فهو يلزمه أن يقيم الكتاب من خلال هذا المنظور بعد التأكد من أن الرسومات والصور لا تخدش الحياء ولا تخالف التعاليم الإسلامية.

مؤخرا، بات مألوفا مشاهدة أطفال صغار يحملون أجهزة لوحية «تابلت» تماثل أحجامهم الصغيرة، ليطبعوا على شاشاتها ببصماتهم، متفاعلين مع تطبيقاتها كوسيلة للترفيه غالبا، ولكن بالمقابل استثمرها الأهالي كوسيلة جديدة للتعليم المبكر، تختصر عليهم وقتا ومجهودا كبيرا وتمثل ترفيها للطفل في الوقت ذاته، من خلال التطبيقات التعليمية التي تجذب الطفل للتعلم بالصوت والصورة عن طريق الاختبارات التفاعلية التي تخاطب حواسه وتكسبه المهارات.

وترى ناهد الشوا أن «الألعاب» هي الجاذب الأول للطفل لا التطبيقات التعليمية على الأجهزة اللوحية كـ«الآي باد»، فاستخدامها كوسيلة تعليمية لم يتم بالشكل الصحيح، ويحتاج إلى توعية للأهالي والمربين بضرورة ترشيد استخدام هذه الأجهزة والتحكم بالرقابة على تطبيقاتها، وتشجيع الطفل للوصول إلى الكتاب الإلكتروني ووضعه أمامه على الجهاز.
جريدة الشرق الاوسط ١٢ /٨ /٢٠١٢ ص ٢٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق